في ميدان رمسيس
حيث أقف أنتظر صديقا لا يحلو له ان – يلطعني- إلا في هذا المكان المبلط امام العمارة الشاهقة والمعروفة جغرافيا باسم عمارة رمسيس.
هنا تجد القوم يبيعون ويشترون كل شئ على ذلك البلاط النظيف-نسبيا- يرمون بمخلفات مبييعاتهم الى تلك الجزيرة الخضراء-نسبيا- دون اكتراث سوى بما يستطيع أن ينتشلونه من جيب الزبون.
هنا تجد الكل تراصّوا في نظام ما يفترشون الارض ويعرضون بضاعتهم بكل حماس على الرائح والآتي لعل احدهم يتحمس لفكرة الشراء , يعتمدون في ذلك على قوة صوتهم لا غيرها حتى تجد أصواتا غير متآلفة كلٍ يصرخ من أجل بضاعته.
هنا تجد معاقين ومقعدين وأقزام ومشوّهين والكل قادهم البحث عن قوت يومهم الى تلك البقعة في وسط القاهرة.
وقفت أنتظر وأزجي وقتي كالعادة بمراقبة الكل الباعة والمشترون والكل في تناغم يبحث عن مأربه اثناء وجوده في ميدان رمسيس. البعض يصل الى الميدان كأول ارض تطأها قدمه بعد نزوله من القطار والبعض يتواجد مصادفة على الأرض الموعودة ليقوده القدر لشراء شئ ما من احدهم.
يتناقشون ويفاصلون وتتناول الأيدي البضاعة ويدّعي البائع التنازل ويدّعي المشتري الشطارة والكل يمضي راض بإنجازه.
حتى افقت على صوت ذلك الشرطي يهيب في القوم أن يهرعوا اذ أن البلدية قادمة. الكل يهرع ويختبأ في أزقة غير مرئية لرجل الشارع العادي, ومنهم من اصطحب زبونا أو اثنين الى المخبأ لمواصلة العمل.
الكل يجري حاملاً أو جارّاً بضاعته مراعيا الا يضيع منها شئ ما. الكل يجري وفي رأسه الف سؤال وبلا اجابة عما اذا لم ينفد ببضاعته وبجلده. الكل يجري بحماس متولد من الرغبة الفطرية في الحياة وكسب قوت اليوم.
وفي لحظات وجدت الميدان خالي الا من بقايا اغلفة منتجات مختلفة كانت تباع منذ قليل.
رأيت الميدان فارغاً من كل الباعة الا واحدا مقعدا مازل مفترشا الأرض وامامه بضاعته وفي عينيه نظرات اطمئنان من نوع ما لم أفهم عم تشي
No comments:
Post a Comment