كنت أتحاشى النظر إليه حين كنتُ أهِمُّ بمداعبة ابنه الوليد، كنتُ أخشىَ شراسته. ابنه جروٌ طليقٌ يعشق اللعب وتطفر السعادة من عينيه دائماً، تكفيه نظرة واحدة من عينيّ ليرافقني فرحاً حتى باب العمارة.
ولا أعلم لماذا في ذات ليلة حلمت بالكلب الأبّ، يرنو إليّ وأنا أداعب ابنه ويكاد يبتسم لي ويصافحني ويلعق وجهي ويحضنني هو وابنه، أكاد أصحو من النوم أنفض ثيابي من بقايا شعرهم، وألمح ابتسامتي الفطرية في المرآة.
ولا أعلم لماذا سبق ذلك الحلم حُلمٌ آخر، عن رقصة تانجو بطلاها لم يكونا سوى وترين خطأ، تداخلا فتولد الألم من رحم الموسيقى، كانت هيَ تنتشي بالفرحة وكنتُ أنا أنتشي ألماً. بعد الرقصة تخبرني كم أنا رائعٌ، يصطدم إطراؤها بصمت حزين.
لكني أعرف أنني حين عُدتُ إلى بيتي أمس، لمحت الأبَّ يتلوى ألماً ويتطايرُ الزبَدُ من شدقيه، يمزقه السمُّ الزعّاف. وأدركُت أنها المرة الأولى التي لا أخشى فيها الاقتراب منه، أًشفُق عليه، أحاول أن أخفف ألمه وأربت على رقبته. وللمرة الأولى يحاول أن يتبعني، ويطوّحه السم ليتخبط فوق بلاط الرصيف، وتذهب عدة محاولات لإنقاذه هباءاً.
مازلت أفكّر فيه، ومازال رهاني على صموده محلَّ قلقي حتى صباح الغد.