قالوا قديماً : من ليس له (تابوه) فليشتري له تابوهاً. ومنذ قيام الثورة وهناك شح في التابوهات واحتكار لبيعها بالبطاقة التموينية من جهة التيارات الراديكالية خاصة بعد كسر التابوه السياسي الذي كان يحمينا من برد الشتاء وشمس الصيف.
ولي صديق ليبرالي – من ورا أهله فهم لا يعرفون الفبسبوك ولا طريق البورصة- يرى أننا يجب ان نكسر كل التابوهات ونمشي (كدة في الشارع عادي) فقلت له ان هذا عيب فقال لي: (اللي اختشوا ماتوا), وأشار إلى إنني أرى الامر من زاوية أخرى داخل تابوه أنا محبوس داخله دون أن أدري ونصحني لكي أرى التابوه بالعين المجردة أن أجلس على البورصة ثلاث مرات اسبوعيا أتابع أسهم بالم هيلز وهي تواصل الهبوط وأشرب شاي بنعناع من عند عم نسيم. ولما قلت له أن مايقوله هذا يمثل تابوها آخر, رأيت علامات الإحباط في عينيه وأخذ يبكي ويقول لي : للمرة الألف أنسى وأشترى لنفسي تابوها دون أن أدري – مع اني سايب تابوهات كتير في البيت كانت ضاقت عليّ – وشبّه نفسه بسيزيف الذي كلم صعد الجبل حاملاً النعناع ليضعه في كوب الشاي هناك, يسقط منه النعاع وينزل مرة أخرى ليحضره وهو يخشى ألا يستطيع أن يشرب الشاي قبل أن يبرد أو أن يُغلق المقهى أو أن يصل السلفيين للحكم.
ولي صديق راديكالي يرى أن الليبرالية حرام شرعا وهي تعني أن يمشى الناس بلا تابوهات في الشارع – ودي قلة أدب- وأن التابوه الحشمة هو المطلوب في عالم انتشرت فيه الخلاعة الأيدولوجية. وهو أيضا يجلس على البورصة على فترات لمدة دقائق معدودة يحتسى خلالها الشاي بالنعناع دون الصعود الى الجبل مشترطا على صاحب المقهى أن يغلق الكاسيت إلى أن ينتهي من الشاي.
مستوحاه من تخاريف الرائع جلال عامر