Wednesday, November 10, 2010

تدين مصري

في المترو, وقفت – حيث لم أجد مكانا للجلوس – مستندا على ظهر كرسي, امسك بين يدي رواية لإبراهيم عبد المجيد اسمها ليلة العشق والدم.

سألني : ممكن اقف جنبك؟

- اتفضل

وقف بجواري متطلعا الى ما أقرأه

مرت دقيقتان, لابد ان عيناه التهمتا فيهما صفحة كاملة, قبل أن يقول:

- ده كتاب ايه؟

أدرت غلاف الكتاب الأمامي ليقرأ العنوان بنفسه,

- اه , انا كنت فاكره حاجة تانية

ابتسمت – متوقعا المزيد من الاسترسال – قائلا:

- زي ايه؟

- افتكرته حاجة مسيحية, اصله شكله شبه كتب سير القديسين او الكتب الروحية قلت اخد بركة بدال مانا واقف كدة.

لم أعرف بما ارد حقاً خاصة بعدما ظهر على وجهه علامات القنوط, وذهلت من هذا الاستياء الغير روحي بالمرة الذي نطق به وجهه, صمتّ برهة ثم أجبت:

- ده أدب

تزايد استياءأ وازدادات لهجته حدة

- ياعم ادب ايه بس وعشق ايه ودم ايه

بدأ دمي يفور تدريجيا فقلت له محاولا الهدوء

- طيب مجبتش معاك ليه حاجة تقرا فيها ؟

- معايا صدقني كتاب مقدس في الشنطة بس قلت اشوف يمكن الاقي معاك حاجة اتبارك بيها, سلام ربنا يباركك

قالها وانطلق غاضبا وذهب إلى آخر العربة. أما انا فحاولت أن أتأمل في ذلك التدين السطحي الذي بات ينخر في عظامنا ويوحي حتما بانهيار كامل للأخلاق بلا مبالغة.

أتاح له تدينه -الشكلي- بعض الفضول وقاده الموقف الى القنوط والضجر, وربما شكر ربه راضيا عن نفسه انه ليس مثل هؤلاء الاشرار الذين يقضون وقت فراغهم في قراءة اشياء عن العشق والدم, وربما التمس لي الرحمة كذلك وطلب ان يؤثر كلامه في قلبي فأرجع فأحرق مكتبتي عن آخرها.

أعرف ان اقتراب المرء من العمق الروحي لعقيدته يجلعه ألطف واهدأ, يجعله يفكر في الآخرين بشكل لائق. أما أن ينفعل ويضجر ويكاد يتشاجر فلا نندهش حين يصل الأمر إلى التطرف.

وتسآلت, طالما هو يحب قرآة الكتب الروحية في وسائل النقل العامة, لماذا لم يفعل ذلك ببساطة؟؟ ولماذا لابد ان يكون هناك طرفاً آخر يرى تدينه في ضوءه ؟؟ سطحية بلا شك .

نحن شعب واحد مع اختلاف عقائده يتشابه في قدرته على الابداع في فنون التدين الشكلي.